مستشفيات الأمراض العقلية في الحضارة الإسلامية
كانت من أعظم المستشفيات التي عرفتها البشرية
أسهم العلماء المسلمون السابقون إسهامات كثيرة مهمة في تاريخ الطب النفسي وظهر ذلك من خلال بناء المسلمين لمستشفيات الأمراض العقلية المتميزة؛ والتي كانت تقدم رعاية صحية وخدمة إنسانية للمرضى النفسيين على مر تاريخ الحضارة الإسلامية.
ويروى أنه في عام 93هـ، أسَّس الخليفة الأُمَوِيُّ “الوليد بن عبد الملك” بدمشق أول بيمارستان للمرضى العقليين، وكانت تخصَّص لهم أموال تُنفَق عليهم.
وفي سنة 151هـ أسَّس العباسيون في بغداد أول قسم متخصِّص للأمراض العقلية، ثم أنشأ على نظامه أقسام أخرى في جميع العواصم الإسلامية؛ حيث كانت القيروان تشتهر بالبيمارستانات العامة والنفسية وذلك في عصر الأغالبة؛ الذين شيَّدوا أمثالها في صفاقس وتونس، وكانت الصدقات تُنفَق على المرضى، وتقدِّم لهم أفضل الأطعمة.
كما كان مستشفى “قلاوون” في القاهرة مثالاً رائعا للرعاية النفسية، فقد كان يحوي أربعة أقسام منفصلة للجراحة، وطب الأعيُن، والأمراض الباطنية، والأمراض العقلية.
ولقد كانت الأموال التي يدفعها الأغنياء في القاهرة تُتيح للمستشفى القلاووني أن يقدِّم مستوًى رفيعا من الرعاية الطبية، والخدمة الإنسانية، ومتابعة المريض في فترة نقاهته حتى يعود إلى حياته الطبيعية.
وفي تلك المستشفيات كانت هناك سمتان عجيبتان؛ الأولى هي معالجة المرضى العقليين في مستشفى عامّ، وبذلك سبق المسلمون الاتجاه الحديث بما يقرب من ستة قرون، والثانية اشتراك المجتمع كله في رعاية المرضى.
وقد كان يخصَّص لكل مريض نفسي مرافِقان وعدد من الأطباء المتميزين، وكان يُعزَل المرضى الذين يعانون صعوبة في النَّوم في غرف خاصة، ويُجلَب لهم القُصَّاص فيسردون عليهم الحكايات لمساعدتهم على النَّوم بهدوء، وكان يُصرَف لكل مريض خمس قطع ذهبية عند خروجه من المستشفى.
وفي عهد الدولة السلجوقية ومن بعدها الدولة العثمانية، بُنِيَ عديد من المجتمعات العلاجية حول المساجد، وكانت تُسَمَّى “التكايا”، وقد استمرَّت لعدة قرون، وهي تماثل إلى حدٍّ كبير المراكز الصِّحِّية العقلية الاجتماعية التي أُنشُئَت حديثًا في أميركا.
كما بُنيَ عديد من المستشفيات في مختلف أنحاء الدولة العثمانية، وكان مستشفى السلطان سليمان القانوني أبدع مستشفى نفسي في العالم في ذلك الحين.
Comments
Post a Comment