قصة كفاح و نجاح

"لا يجب إعتبار شركة باتا للأحذية كمصدر للثراء الشخصي ، و إنما كمؤسسة عامة أو كوسيلة لتحسين معايير الحياة ضمن المجتمع و لتوفير سلع جيدة للمستهلكين مقابل ما يدفعون"
توماس باتا

عبارة تلخص الخلق و السلوك الذي يجب أن يتحلى به التاجر في كل زمان و مكان.

من منا لا يعرف محلات "باتا" أشهر محال لبيع الاحذية الأنيقة المتينة و المتوسطة الأسعار بمصر في الثلاثينيات من القرن الماضي.

تعالوا بِنَا نتعرف على قصة كفاح و نجاح بدأت من قرية صغيرة بالتشيك تدعى "زلين". حدث انه في عام ١٨٩٤م في جنوب التشيك أن إتفق الثلاث إخوة "توماس" ، "انطونين" و "أنا" أن يساعدوا والدهم توماس باتا في ادارة محل الأحذية المملوك لهم. بل قرروا و كنوع من التوسع ان ينشأوا مصنع للأحذية ضمهم الثلاثة بالإضافة الى ١٠ عمال تحت قيادة الأخ الأكبر توماس.

الا ان الرياح لا تأتي دوماً بما تشتهي السفن ، ففي عام ١٨٩٥م عانى المصنع من مشكلات و ديون ففكروا في انشاء خط جديد في الصناعة يدعي "باتوفكي" و هو مزيج من الخيش و الجلد و لاقى استحساناً كبيراً من الناس نظراً لِسعره الزهيد قياساً للجلد الخالص.

و في عام ١٩١٤ و مع بداية الحرب العالمية الاولى انتعشت صناعة الاحذية و خاصة أحذية الجنود العسكرية ، فتم الاستعانة بعدد اكبر من العمالة حتى يفوا بحاجة السوق في ذلك الوقت.

نهج باتا نهجاً ذكياً اذا تبنى شعار :

"باتا تحطم الأسعار"

فتم تخفيض الأسعار بنسبة ٥٠٪ نظراً لحالة الكساد التي اعقبت الحرب ، و اقبل الناس على منتجات باتا التي لم يكن لها منافساً في ذلك الوقت من حيث الجودة و المتانة و الأسعار.

فرح الإخوة باتا بهذا النجاح و قرروا التوسع عالمياً فأنشأوا ٣ أفرع في اوروبا ؛ الاول في إيطاليا "باتا اوروبا" و الثاني في سنغافورة "باتا الأسواق الناشئة" و الثالث بهولندا "باتا للأحذية المهنية و الصناعية"

و مع بداية الثلاثينيات انتقل باتا بمنتجاته الى الأسواق العربية ففتح فروعاً في بغداد بالعراق عام ١٩٣٢م ، و في السودان و موريتانيا في أوائل الستينيات.

أما مصر فكان لها نصيب الأسد من أفرع باتا بالعالم العربي نظراً لاتساع حجم السوق بها فتم افتتاح فرع عماد الدين بالقاهرة ، فرع شريف باشا بالإسكندرية ، فرع الامير فاروق ببورسعيد و فرع السكة الحديد بالمنصورة. و كان ذلك في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي. لاقت منتجات باتا استحسان العميل المصري و كان معظم الناس يتوجهوا الى باتا و خاصة في بداية العام الدراسي بحثاً عن المتانة و الاناقة و الجودة و الأسعار المعتدلة. و ظهر شعارات إعلانية تشجع المشتري مثل:

"يا حلاوتك يا صندلي ، من باتا أجري و أشتري"

في عام ١٩٦١ تم تأميم شركة باتا و انفصلت "باتا مصر" عن الشركة الأم في التشيك مع إحتفاظها بالإسم التجاري.

و في أوج نجاح شركة باتا على مستوى العالم توفي مؤسسها في حادث إقلاع طائرته من مطار زلين عام ١٩٣٢ عن عمر يناهز ٥٦ عاماً. فانتقلت الشركة الى أخيه و ابنه الأكبر توماس جون باتا.

Comments