هكذا بدأ الإعلامي اللامِع خطابه إلى ذلك الذي يحكُم البلاد

الذين قالوا لا...!

تحية كاريوكا وبعد،،،

هكذا بدأ الإعلامي اللامِع خطابه إلى ذلك الذي يحكُم البلاد...


ويُفهَم من هذا المدخل، أنه لون من التباسُط والإهانة، فهي مُجرَّد راقصة، ونحن أشخاص راقون مُحترمون.

حسنًا... دعونا نرَى إن كانت تحية تستحق التحية أم تستحق السخرية؟!

في نهاية نوفمبر 1947 صدر قرار الأُمَم المُتحدة بالموافقة على تقسيم فلسطين بين الصهاينة والعرب. فشهدت مصر حالة من التوَحُّد حول مطلب الجِهاد وتحرير الأرض. واشترك في الزخم الثوْري كُلُّ طوائف الشعب، وعلى رأسهم الفنانين بقيادة تحية كاريوكا من خلال حفلات فنية يذهب دَخلُها كامِلاً لإعانة مُجاهِدي ومنكوبي فلسطين.

ولمَّا قامت ثورة يوليو، كانت تحية من أكثر الفنانين تأييدًا لها. ومع أزمة 1954 كان لها موقف مُناهض للحُكم العسكري، ولها تصريح شهير تقول فيه "ذهب فاروق ليحلَّ مكانه فواريق"! فتمَّ اعتقالها لمُدَّة مائة يوم بتُهمة محاولة قلب نظام الحُكم!

وفي 1956 شاركت في مهرجان كان بفيلم شباب امرأة بعد أن اعتزلت الرقص. ثم حدث أن حضرت حفلاً على هامش المهرجان، وكان بين الحاضرين نجمة هوليود سوزان هيوارد. ودار حوارٌ حول القضية الفلسطينية. وتطاولت الفنانة الأمريكية على العرب، على اعتبار أن تلك الراقصة المصرية لا تعرف لُغات أجنبية. فما أن أنهت كلامها، حتى اندفعت تحية تجاهها، وضربتها بالحذاء وبصقت على وجهها، فهي تجيد الإنجليزية والفرنسية، واستخدمتهما بطلاقة لتوجيه السباب إلى نجمة هوليود التي هربت من القاعة!

أُلقي القبض عليها مرة ثانية بسبب انضمامها لتنظيم حدتو الشيوعي. وفي 1961 قامت بتأسيس فرقة مسرحية قدمت 18 مسرحية. ولم تكتفِ بالكوميديا، فأدَّت دور بائعة روبابيكيا تهاجم النظام في مسرحية روبابيكيا، وقدَّمت مسرحية "التعلب فات" تطالب بالديمقراطية وألاَّ يُطبَّق القانون بصرامة على الفقراء وحدهم.

اعتُقلت من جديد في عهد السادات، رغم أنها أخفته في منزل أخيها حين كان هاربًا من المُلاحقة الأمنية على خلفية مقتل أمين عثمان في نهاية الأربعينيات.

وفي عهد مبارك دُعيت في أواخر عمرها إلى حفل لتكريم الفنانين، وكانت قعيدة على كُرسي مُتحرك. فذهب إليها الرئيس مبارك لتحيتها، وبمُجرد رؤيتها له، خاطبته في حدَّة قائلة: يا ريّس فيه ناس بتنام من غير عَشا". فلمَّا حاول مبارك أن يشرح لها أزمة الزيادة السكانية وآثارها السلبية، قاطعته في غضب قائلة: أنا مافهمش في كلامك التخين ده. ما تبيتش حد من غير عَشا يا ريّس".

لا يعنيني كم مرة تزوجت تحية، ولن أتوقف أمام مهنتها، ولن أحاسبها نيابة عن خالقها وخالقنا... إنما يعنيني أن نحترم الجدعنة والشجاعة والوطنية، وأن نحتقر النفاق والمُداهنة والصمت عندما لا يصحُّ السكوت...!

Comments